Home مقالات الذكاء الاصطناعي: وعدم الوعي الاصطناعي
0

الذكاء الاصطناعي: وعدم الوعي الاصطناعي

0
0

بقلم جاك مور ، أخصائي الأمن السيبراني لدى شركة “إسيت” ESET

إن الضجة حول الذكاء الاصطناعي (AI) هي في الوقت الحالي تحظى بإهتمام الإعلام، وإذا لم نكن حريصين في تداول المفهوم الصحيح للتقنية فسوف ندمر الاسم قبل أن تتاح له فرصة إثبات نفسه حقًا بسبب قلة المعرفة. الذكاء الاصطناعى هو مفهوم جميل للحوسبة المستقبلية التي تقودها صناعة التكنولوجيا والأبحاث الأكاديمية بطريقة قد تشهد ذات يوم تغييرات هائلة على الطريقة التي نعيش بها حياتنا وتحول الجنس البشري إلى العصر الرقمي الجديد.

ولكن في الوقت الحالي  يُساء فهم الذكاء الاصطناعي بكل بساطة. لا تفكر الحواسيب بعد من تلقاء نفسها، ولا هي قادرة على العيش بمفردها، وحتى الاَن لا توجد الشخصية الاَلية لسلسلة أفلام ” المدمر” الذي يبحث في كل مكان عن “جون كونور”.

قد تلتمس العذر لتفكيرك بأن الذكاء الاصطناعى موجود حاليًا بسبب بعض ما بتداوله الإعلام. يريد الناس بشدة أن يؤمنوا بالذكاء الاصطناعى ويأملون في أن يستخدمه الجيل التالي من البرامج لأداء العمل المتكامل. و تأثير الأمر بات في كل مكان و لكن للأسف لا يوجد أعتراف كامل به، و أعتقد أننا لا نزال على بعد بضعة أجيال من التحول الحقيقي له.

خذ مثال السيارات المتاَتمتة و المستقلة بالكامل، وهو مفهوم عجيب ولكن في الوقت الحالي مجرد خيال علمي رائع. هذا لا يعني أنه لن يحدث، هو يعني أننا لا نزال في مجرد مرحلة الإقلاع. لتكون قادرًا على إنتاج سيارة مستقلة تمامًا يبدو أمر مثير للإعجاب ولكن مع التقدم التكنولوجي المطلوب، لا بد من وجود كمية لا حصر لها من الحسابات بسرعات لا تصدق، ناهيك عن مرحلة انتقالية خطيرة ستظهر حين تختلط السيارات المستقلة مع السيارات العادية، إنه حلم بعيد في الوقت الحالي.

بعض المشكلات الحسابية الصعبة للغاية والتي يصعب التغلب عليها عن طريق الحوسبة وحدها، مثل التعرف على الصور، ينتهي بها الأمر إلى تطوير هالة من السحر من حولهم. نميل حاليًا إلى تخيل أن الذكاء الاصطناعي فقط هو الذي يمكنه إمتلاك تلك القدرة. ومع ذلك، بمجرد أن نذهب ونحل هذه المشكلة الشاسعة المتمثلة في مزيد من البيانات الدقيقة للعثور على الإجابة، نجد في واقعها أنها مجرد هندسة كمبيوتر جيدة وليست “مصطنعة” أو حتى “ذكية” – إنها مجرد تطورات متسقة بسيطة.

ما هو حقا الذكاء الاصطناعي؟

حسنًا، يُعرف الذكاء الاصطناعى الحقيقى عادةً بأنه قادر على تعليم نفسه أشياء مثل الألعاب أو حتى تعلم توقع تحركات الخصوم داخل الألعاب. والأفضل من ذلك، على حد تعبير ويكيبيديا، أن الذكاء الاصطناعي الحقيقي هو “آلة افتراضية تعرض السلوك مثل المهارة و توفير عنصر المرونة كما يفعل البشر”.

أنا لست مقتنعًا تمامًا بأننا نستطيع تسمية الكمبيوتر الحالي لدينا بالذكاء الاصطناعي مهما كانت قوته و قدراته رائعة.

ومع ذلك ، فإن التعلم الآلي (ML) يحرز تقدماً في واحد من أكثر التطورات التكنولوجية إثارة في التاريخ ولا ينبغي الخلط بينه وبين تفكير الذكاء الاصطناعي لنفسه. تخلق كميات هائلة من البيانات التي تنتشر عبر عجلات معالجة الآلات تنبؤات دقيقة رائعة وقادرة على حل الخوارزميات المعقدة بشكل لا يصدق وبشكل أسرع من أي وقت مضى. ولكن ما تزال تلك العملية لا تقام من تلقاء نفسها أو حتى تحاكي عقل الإنسان.

إن التعلم الآلي مقيد بشكل لا لبس فيه من قبل القواعد التي صنعها الإنسان، وحتى من المعروف أن هذه القواعد تحتوي على انعكاس مخيب للآمال للتحيزات البشرية مثل التحيز العنصري والجنسي، مما يجعله يفشل قبل أن يبدأ. للأسف، معظم المتعارف عليه والمعتقد  يستند إلى تقديرات شخصية في أدمغتنا. ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعى الحقيقى لا حدود له ولديه إمكانية فعل أي شيء، وإذا تم تدريسه بشكل صحيح فسيكون منصفًا ولا يتحيز.

لا شك أن التعلم الآلي غير حياتنا وجعلها أكثر بساطة. بدءًا من التعرف على الصور، وحتى التنبؤ بالجريمة والتشخيص الطبي وزيادة طاقة الكمبيوتر و المساعدة على زيادة دقتنا بشكل كبير وسريع في العديد من الصناعات. تتنافس كل من “جوجل” و “اَي بي إم” وعدد قليل من الشركات الناشئة لإنشاء الجيل التالي من أجهزة الكمبيوتر العملاقة. في حالة إقلاع أجهزة الكمبيوتر الكمومية، فمن المحتمل أن تساعدنا في حل العمليات المعقدة للغاية التي لا تستطيع أجهزة الكمبيوتر الحالية حتى البدء في حلها في ألف عام.

يبقى الذكاء الاصطناعى على بُعد بضعة عقود، وعلينا تجنب استخدام المصطلح المستقبلي في الوقت الحالي أو أننا ببساطة سنقوم بكل الأعمال التكنولوجية الكبيرة الحالية التي يوفرها تعلم الآلة و نقدمها بطريقة غير صحيحة عن طريق ادعاءات خاطئة في الوقت الراهن. دعونا لا ننسى إلى أي مدى وصلنا إلى هذا العصر الرقمي الحالي وعلينا الاستمتاع بالرحلة إلى العصر الرقمي القادم، مهما كان مصطنعًا.

 

التعليقات

LEAVE YOUR COMMENT

Your email address will not be published. Required fields are marked *