بقلم دان كانتورنا، مدير جمع البيانات، كولينسون
يعتبر الكثيرون أن البيانات هي نفط القرن الحادي والعشرين. والواقع أنه لا يمكن التقليل من قيمتها نظرًا لأهمية الأفكار المستمدة منها التي يمكن أن تحدث فرقًا بين الجودة المتوسّطة والتفوّق، وبين النجاح والفشل. ومع ذلك، لا تزال العديد من منظمات السفر مقصّرة في استخدام البيانات لصالحها. على سبيل المثال، خلصت دراسة أجرتها Forrester Consulting نيابة عن كولينسون، إلى أن نصف منظمات السفر في جميع أنحاء العالم (50٪) تجمع كمية كبيرة من بيانات العملاء وتدعمها بمصادر خارجية.
إذن ما الذي يعيق المنظمات؟ من خلال تجربتي، أحد أكبر العوائق التي تحول دون “نجاح البيانات” هو أن جمع البيانات والدلالات غالباً ما يكون معقدًا للغاية، أي مليئاً بالمصطلحات والكلمات الطنانة. نتيجةً لذلك، أصبح موضوعًا يبتعد عنه الكثير من الناس. وهنا فإن الخطوة الأولى تتمثّل في التأكد من فهم الموظفين مدى قوّة البيانات وكيفية الاستفادة منها على أفضل وجه، وذلك عن طريق إعادتها إلى الأساسيات.
التعامل مع المصطلحات المعقّدة
في ما يلي خمس عبارات من السنوات العشر الأخيرة أعتقد أنها غالبًا ما يساء فهمها أو أنها شديدة التعقيد، إلى جانب وجهة نظري المبسّطة حول معانيها الحقيقية والأساليب والأسباب التي قد تجعلها مهمة بالنسبة لك وللقطاع الصناعي في سبيل المضي قدمًا.
البيانات المباشرة وبيانات الطرف الثاني والثالث
لنبدأ بالعبارة الأكثر وضوحاً، والتي تركّز على أصل البيانات. بيانات الطرف الأول هي بيانات العملاء التي جمعتها مؤسستك بنفسها – على سبيل المثال، من خلال الموقع الإلكتروني الخاص بالمؤسسة، أو قنوات البيع، أو عن طريق سؤال العملاء مباشرة. وبيانات الطرف الثاني هي بيانات الطرف الأول لشخص آخر، يتم الحصول عليها عادةً من خلال شراكة تجارية، أما بيانات الطرف الثالث فهي عبارة عن بيانات عامة يتمّ شراؤها عادةً من مؤسسة أخرى.
عند تطبيق بيانات الطرف الثالث على بيانات الطرف الأول أو الطرف الثاني، فإنها تساعد في بناء صورة أوضح لعملائك وتفضيلاتهم، ما يتيح لك تقديم تجربة أكثر تخصيصًا طوال رحلة العميل. نظرًا لأن الشركات تسعى إلى إسماع صوتها وسط الضجيج الذي يثيره منافسوها في السوق، وتقديم تجارب أكثر خصوصية وارتباطاً بالعميل، فإننا نتوقّع أن نرى المزيد من الشراكات بين منظّمات السفر، ليس فقط لزيادة المبيعات، بل للحصول أيضاً على المزيد من بيانات الطرف الثاني.
استخراج، تحويل، وتحميل (ETL)
هذه هي عملية مشاركة البيانات بين الأنظمة والشركات. ومن الأمثلة الكلاسيكية والعملية على ذلك، أن علامة السفر يمكن أن تتطلّع إلى التسويق لقاعدة أعضائها، تماماً كما قد ترغب، على سبيل المثال، في استخراج وتحويل وتحميل كلّ من نظام التجارة الإلكترونية والتطبيق من خلال نظام إدارة علاقات العملاء CRMأو نموذج قدرات التوريد الإلكتروني لمؤسسات العملاءESP . وهذا يشبه نسخ النص من مستند إلى آخر مع خيار الاحتفاظ بتنسيق المصدر أو الامتثال لتنسيق المستند الجديد. ومن منظور العلامة التجارية، فهو يساعدك على إنشاء صورة أكبر لعميلك وقاعدة الأعضاء. وبعبارات بسيطة أكثر:
- الاستخراج هو عملية اختيار نقاط البيانات التي تريد دمجها ونقلها من مصدر إلى آخر
- التحويل هو عملية إعادة تنظيم أو تصفية البيانات المستخرجة بحيث تتطابق مع نفس التنسيق الذي تستخدمه مؤسستك
- التحميل هو عملية دمج البيانات في أنظمتك
في حين يبدو “الاستخراج والتحميل والتحويل” صناعيًا إلى حد ما، إلا أنه مفهوم بسيط نسبيًا بمجرد تفكيك معناه. ويكمن التحدي في مجموعة متنوّعة من العمليات والاستخدامات المحتملة لتلك البيانات من قبل العلامات التجارية المختلفة. ولكن عندما تصبح البيانات أكثر أهمية بالنسبة للشركات، ستصبح بروتوكولات البيانات موحدةً تدريجياً في قطاع السفر لتبسيط عملية “الاستخراج والتحميل والتحويل”، كما أن زيادة قوّة معالجة الكمبيوتر ستساعد أيضًا في تبسيطها.
الأصل والوجهة OND
بيانات “الأصل والوجهة” Origin and Destination (OND) تُظهر نقطة مغادرة المسافر والوجهة التي يقصدها. يبدو ذلك بسيطاً، أليس كذلك؟ هذا لأنه بسيط فعلاً. وقد ترغب المؤسسات العاملة في قطاع السفر وما يتعلّق به في الوصول إلى هذه البيانات لإنشاء صورة أكبر لعملائها. وعلى سبيل المثال، سيطلب كلّ متجر تقريبًا في المطار هذه المعلومات، وليس فقط للحصول على خصومات متعلقة بالضرائب، ولكن أيضاً للحصول على بيانات “الأصل والوجهة” OND. ونتوقّع أن تقوم المزيد من الشركات بالتعاون مع شركات الطيران للحصول على بيانات “الأصل والوجهة” OND كنقطة بيانات لجهة خارجية من منطلق رغبتها في فهم سلوكيات المستهلك بشكل أفضل وتقديم المقترحات المستهدفة وتطوير المحتوى الديناميكي.
تعلُّم الآلة Machine Learning
تعلُم الآلة هو وسيلة لاستخدام أجهزة الكمبيوتر لتحليل كميات كبيرة من البيانات والكشف عن العلاقات والتداخلات في فترة زمنية قصيرة للغاية. فعلى سبيل المثال، قد ترغب شركة طيران في استكشاف العلاقات والتداخلات بين المسافرين الذين يتوجّهون حاليًا في الرحلات الشخصية والتجارية، بهدف التنبؤ بشكل أفضل والتأثير على المزيد من مسافري “الترفيه” في المستقبل. ويتضمن ذلك سلسلة معقدة من القواعد والنماذج الإحصائية والأوامر المبرمجة لفحص البيانات وتحديد الأنماط – حيث سيقوم النظام بعد ذلك تلقائيًا بإجراء تحليل جديد بناءً على ما يعثر عليه.
ومع ذلك، فإن ما لا يعرفه الكثير من الناس هو أن تعلّم الآلة أصبح الآن أكثر سهولة للمؤسسات من جميع الأحجام والميزانيات مع توافر المزيد من الحلول “الجاهزة للاستخدام”. حيث أنها تتطلب الحد الأدنى من المعرفة المتخصصة، وهذه خطوة كبيرة إلى الأمام في تسهيل وإتاحة عملية تحليلات البيانات، وسوف تعكس اعتماداً أكبر على التعلُّم الآلي بالنسبة إلى العلامات التجارية الخاصة بالسفر ومتعلقاته.
التعلّم العميق Deep Learning أو الشبكات العصبية Neural Networks
يشار إلى القواعد المبرمجة في كثير من الأحيان على أنها شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي، وهذه عملية أخرى لتحليل البيانات تعتمد على الكمبيوتر ويمكن أن تسمح لماركات السفر بتحديد توقّعات أفضل، ومع ذلك، هي أكثر تطوراً وتنظيمًا بما يشبه طريقة البشر في تلقّي المعلومات. وهذا يعني أن الكمبيوتر قادر على استخلاص النتائج والتكيّف واتّخاذ القرارات بشأن أفضل طريقة لتحليل مجموعة البيانات بأسلوب لا خطيّ، مثل الذكاء البشري.
والمطارات هي من الأمثلة العملية في مجال السفر، من خلال تطوير الماسحات الضوئية للتعرّف على الوجه – وهي خطوة استباقية من قبل الصناعة لجعل تجربة المطار أسرع وأكثر متعة للمستهلكين. وقد تميل المنظمات إلى الاستفادة من هذا النوع من تحليل البيانات، إلا أنها تتطلب استثماراً، وخبرة فنية كبيرة داخلية. وهنا يجب أن تفكر شركات السفر في ما تحاول تحقيقه بالبيانات قبل المضي قدمًا في التعلم العميق أو الشبكات العصبية، نظرًا لأن التعلم الآلي يعدّ خيارًا أكثر قابلية للتطبيق.
خلاصة القول: المعرفة قوّة
من خلال إزالة الغموض عن البيانات وتشجيع جميع الموظفين على فهم أساسيات التجميع وقوّة التصوّرات والتحليلات، يمكن للشركات أن تتحوّل إلى اللامركزية في الخبرات وأن تنشئ جيشًا من دعاة البيانات. كما أنه من خلال ضمان التزام من أعلى إلى أسفل وعلى مستوى الشركة بواسطة البيانات، فإن منظمات السفر هي أكثر استعداداً لتحسين العمليات واستخدام البيانات بشكل فعّال لبناء رؤية قوية للعملاء وتوفير تجارب أكثر تخصيصًا – من المنتجات أو الخدمات المقترحة، وإلى العروض والمكافآت المقدّمة. ففي عصر تحتلّ فيه تجربة العميل السيادة، لا شك أن البيانات هي الطريق الذكي للوصول إلى ذلك العرش.