على المرأة فهم حقوقها والنضال في العمل
“سلام يموت”، المدير الإقليمي لجمعية الإنترنت في الشرق الأوسط, في لقاء خاص مع “تشانيل بوست العربية” تتحدث عن مشوارها المهني الناجح و المثمر :
- هل لك أن تحدثينا عن أسلوب قيادتك ومنهجك في العمل؟
بصفتي المدير الإقليمي لجمعية الإنترنت في الشرق الأوسط، لطالما كنت وسأبقى دائماً أمتلك نظرة مستقبلية. أحب أن يكون لدي فكرة واضحة عن المكان الذي أذهب إليه. أؤمن بشدة بالعمل الجماعي وأشارك رؤيتي وخبرتي مع الآخرين. فالأشياء المهمة في الحياة لا تنجز على أساس البطولة الفردية، بل يشارك ويساهم بها الجميع في تحقيقها.
- لماذا اخترت العمل في مجال التقنية؟
بدأت دراستي الجامعة عام 1982 عندما كانت أجهزة الكمبيوتر مجرد شيء جديد. أنا لم أر جهاز كمبيوتر من قبل. لذلك، كما يمكنك أن تتخيل، لقد كنت أشعر بالفضول لمعرفة المزيد عن هذه الآلة. في تلك الأيام كان هناك حرباً مستمرة في لبنان وكنت أبحث عن مهنة تضمن لي وظيفة تضمن لي مستقبلي. للأسف، فقد خسرت عائلتي ثروتها خلال الحرب، لذلك كنت مصممةً على إيجاد حياة مهنية جيدة لنفسي.
- كيف ساعدتك خبراتك السابقة للنجاح في هذا المجال؟
لقد تخرجت من جامعة أريزونا بدرجة الماجستير في الهندسة الكهربائية وهندسة الكومبيوتر. لقد كانت شهادة قيّمة للغاية لبدء حياتي المهنية، وأدركت أنها كانت شهادة يمكنني الاعتماد عليها. ومع ذلك، سرعان ما اكتشفت أن كل شخص لديه شهادة ولكن ذلك لن يجعلك متميزاً. فالفرق الرئيسي هو وجود مهارات شخصية جيدة ورغبة قوية في العمل والتعلم، لأن الأمور تتغير يومياً في مجالنا ونحن بحاجة إلى مواكبة هذه التوجهات. لقد اكتشفت في وقت مبكر أيضاً أن الآلة أسهل بكثير من الناس. فالبشر أكثر تعقيداً من الآلات. ولكي تكون ناجحاً، فإنك تحتاج إلى الاستفادة من مهاراتك الاجتماعية، وفهم وتعلم كيفية التعامل مع الناس لتحقق النجاح.
- بالنسبة لك، ما هي أكثر وظيفة أثارت اهتمامك؟
كانت وظيفتي الأولى هي الأكثر إثارة للاهتمام بالنسبة لي. لقد بدأت العمل كمهندسة نظام المراقبة في مصنع للبلاستيك. كانت مهمتنا هي التحكم في صناعة البلاستيك من خلال الحساسات التي نطلق عليها اليوم اسم إنترنت الأشياء – في الوقت الذي لم يكن فيه هذا المصطلح موجوداً. لقد كانت مهمة صعبة للغاية تتمثل وضع الرموز داخل هذه الأجهزة الصغيرة من أجل صنع البلاستيك. على الرغم من أنه كان منذ فترة طويلة، أتذكر أنه واجهتنا مشكلة، حيث كان الرمز أطول من الدورة بين القرائتين. كان علينا تحويل الرمز إلى صيغة مجمعة وتقطيع الرموز الإضافية لتتناسب مع الدورة. كانت هذه هي المرة الأولى التي أواجه فيها مشكلة في الحياة العملية مع حلول تعتمد على التكنولوجيا للغاية والتفكير العملي الشاق! هذه واحدة من المحطات البارزة في مسيرتي المهنية.
- بماذا تنصحين المرأة التي تتطلع إلى العمل في مجال تكنولوجيا المعلومات؟
يجب أن تفهم المرأة حقوقها في مكان العمل وتناضل من أجلهم. ولا يجب عليها الانتظار حتى يتم إخبارهم بما يجب عليها فعله. تحتاج المرأة إلى الوقوف واتخاذ الإجراءات اللازمة للوظيفة التي تريدها والوظيفة التي تستحقها. كان هذا صعباً بالنسبة لي. ومع ذلك، بينما أمضي قدماً في مسيرتي، أصبح الأمر أسهل، وأعرف ما يمكنني تحقيقه. النصيحة الأولى التي سأقدمها للنساء هي طلب الترقية حيث يتوجب عليك طلب مكانك المناسب بدلاً من الجلوس وانتظار حدوث ذلك.
- ما هو أكبر تحول في التكنولوجيا التي شهدتها في حياتك المهنية؟
إن أكبر تحول شهدته هو بالطبع الإنترنت. لقد كنت أتابع تطورات الإنترنت منذ أن كنت طالبة في الجامعة. اعتدنا على استخدام أوامر FTP وTelnet للسماح لأجهزة الكمبيوتر بالتحدث مع بعضها البعض. لم يكن هناك شبكة الويب العالمية World Wide Web المعروفة بـ (www) أو جوجل. أثبتت شبكة الإنترنت أنها أكبر ما تم الكشف عنه، حيث نمت بشكل عضوي لتصبح قوة عالمية للخير. لم تكن هناك حرب أو أي شيء لإجبار الناس على اختيار الإنترنت – كل ما حدث طواعية!
- ما هي رؤيتكم للتحول القادم في مجال التكنولوجيا؟
أعتقد أن ثورة التقنية ستؤدي إلى ثورة اجتماعية في طريقة حياة الناس وتعلمهم وعملهم. ستلعب الأخلاقيات دوراً هاماً في المستقبل، لأن الذكاء الاصطناعي (AI) يهدف إلى تعليم الآلات اتخاذ القرارات مثل البشر، لذلك نحتاج إلى أن نكون قادرين على ترميز الأخلاق في هذه الآلات. على سبيل المثال، عندما تكون سيارة ذاتية القيادة على وشك الاصطدام بشخص بالغ أو طفل، وليس أمامها خيار سوى ضرب شخص واحد، فمن ستختار؟ إن ذلك يجعلني أفكر في كيفية ترميز أخلاقنا في القرارات التي نتخذها كل يوم، وهذا ما يقلقني.
ستغير التكنولوجيا المساواة بيننا. حيث أننا جميعاً متساوون في دراستنا في المدرسة والجامعة، …إلخ. ومع ذلك، فإن تحديد المساواة سيصبح أكثر صعوبة في اليوم الذي سيمنحنا فيه الذكاء الاصطناعي إمكانية تعزيز الذكاء البشري. ماذا لو كان الطفل المعزز مفضلاً عن ابني لوظيفة أو لدخول الجامعة. كيف نحدد المساواة بين البشر الطبيعيين أو المعززين؟
- هل تشاركين في أي نوع من الأعمال التطوعية؟ نرجو بعض التفاصيل؟
لطالما شاركت دائماً في الأعمال التطوعية منذ أن كنت طفلةً. أنا الآن عضوة في الرابطة اللبنانية لنساء العمل. نحن منظمة من سيدات الأعمال، هدفها الرئيسي تعزيز المرأة في بيئة العمل. لدينا أيضاُ قسماً يعلم الفتيات كيفية استخدام أجهزة الكمبيوتر والتكنولوجيا. قمنا بتدريب أكثر من 3000 فتاة في لبنان حتى اليوم.
كما أنني مشتركة في النظام البيئي لرواد الأعمال، وكنت عضوة في منتدى MIT لريادة الأعمال في العالم العربي. إنه لمن دواعي سروري أن أشارك في كل هذه الأنشطة وأن أشهد نجاح كل هؤلاء الشباب، والأهم من ذلك، في تمكين النساء.
- ما هي الخطوة التالية بالنسبة لك فيما يتعلق بحياتك المهنية في مجال التكنولوجيا؟
إن خطوتي التالية في مسيرتي هي المجتمع وهذا هو السبب في أنني أعمل مع جمعية الإنترنت. أنا أؤمن بقوة بموهبتنا في الشرق الأوسط. فالإنترنت يحتاج إلى التخصيص. قد يكون لدينا الكثير من المهندسين والمبرمجين، إلا أننا بحاجة أيضاً إلى مهارات عملية وقوية في الإنترنت. تتمثل رؤيتي في احضار التكنولوجيا إلى الشرق الأوسط لكي نصبح أكثر أهمية في هذه الصناعة وليس مجرد مستهلك لها.
